هل ستستفيد الكويت من الانضمام للامارات؟

كثيرا ما يتطلع الكويتيون في أحاديثهم ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى تطور دولة الإمارات السريع والمذهل ويتحسرون على حالهم وعلى سوء أداء الحكومة والمجالس المنتخبة. إذ تكثر المقارنات وتضرب الأمثلة المضحكة على تصريحات مسؤولي الحكومة عندنا مقارنة بنظيرتها الإماراتية.

من بعد الاستعمار البريطاني إلى نهاية ما يسمى بالعصر الذهبي سنة 1982, أي مع بداية أزمة المناخ وانخفاض أسعار النفط وبداية الحرب العراقية الإيرانية، تبينت عدم قدرة الحكومة الكويتية على التعامل بحصافة مع الأزمات المختلفة. وما زلنا على هذا الحال حتى يومنا هذا.

من جانب آخر ولحسن الحظ، ينص دستور الامارات في مادته الأولى بأنه «يجوز لأي قطر عربي مستقل أن ينضم إلى الاتحاد، متى وافق المجلس الأعلى للاتحاد على ذلك بإجماع الآراء». فبالرغم من أن انضمام الكويت إلى الامارات هو أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع، إلا أنه لا يوجد ما يمنع بان نبدأ بالتفكير بصوت عال في محاولة لبيان بعض تفاصيل وآثار ذلك الإيجابية والسلبية على كل من الكويت والامارات وباقي دول مجلس التعاون.

 

الواقع الجغرافي

على الرغم من غرابة وجود جزء من دولة يفصلها عنه دولة أخرى، إلا أن هذا موجود بشكل بارز وواضح في الولايات المتحدة المفصولة تماما عن ولاية ألاسكا التابعة لها. وكذلك حال الدانمارك مع جرينلاند التابعة لها أيضا. وحتى لو نظرنا إلى ماليزيا وإندونيسيا لوجدنا نموذجا قريبا لذلك.  ولحسن الحظ أيضا، يوجد بين الامارات وعمان رأس مسندم التابع لعمان والمحاط بريا بالإمارات، ويوجد كذلك أحد أغرب وأعقد التقاسيم الحدودية في العالم في ولاية مدحاء العمانية المحاطة تماما بالإمارات والتي يوجد بداخلها قرية النحوة التابعة لإمارة الشارقة. أي لن يضيف انضمام الكويت للإمارات الكثير من التعقيدات الحدودية لحدود الامارات المعقدة أصلا.

UAE

خريطة تبين التعقيدات الحدودية بين عمان والامارات في مسندم وولاية مدحاء العمانية التي بداخلها قرية النحوة الإماراتية التابعة لإمارة الشارقة

 

 

ما التغيرات التي يمكن أن تحدث للكويت؟

  • ستصبح الحكومة الكويتية بلا وزراء بل هيئات ومؤسسات حكومية فقط تتبع مباشرة لرئيس الحكومة أو حاكم الامارة كما هو حال حكومة أبو ظبي ودبي وباقي الحكومات المحلية في الامارات المختلفة، وذلك لأن الوزارات تتبع الحكومة الاتحادية.
  • سيستجوب النواب رؤساء الهيئات الحكومية مباشرة ويمكنهم طرح الثقة فيهم بدل استخدام الوزراء كدرع حماية لفساد الهيئات الحكومية.
  • ستحدد سلطات مجلس الأمة بعدم مخالفة قوانين وأنظمة الحكومة الاتحادية، أي سيكون هناك حد أقصى لسلبيات قراراتهم.
  • سيقل اهتمام الكويت بالسياسة الخارجية وسيقل تأثرها بها نتيجة وجودها داخل كيان أكبر. وغالبا سيتفرغ رئيس الحكومة للشأن الداخلي بشكل أكبر.
  • ستكون الكويت جزءا من كيان أفضل منها بمراحل في مؤشرات التعليم والتنمية والفساد والحوكمة.
  • سيختلط مسؤولو الحكومة الكويتية مع الحكومة الاتحادية وستنكشف أسباب اخفاقاتهم بوضوح وقد يقتدون بمن هم أفضل منهم.
  • سيتمكن جميع المقيمين في الامارات من رجال أعمال وعمالة من زيارة الكويت بدون قيود تذكر وبدون شرط رخصة عمل أو إقامة كويتية.

تطول القائمة جدا بالمزايا التي ستحسن أداء الحكومة الكويتية سواءا على المدى المتوسط أو البعيد ويفترض أن تتخلص الكويت من التراجع المستمر منذ عشرات السنين. كمثال بسيط ولبيان الفرق في إدارة المرافق الحكومية بين الكويت والامارات يمكن مقارنة ميناء الشويخ الذي تم تشغيله سنة 1960, بميناء زايد وميناء راشد اللذان تم تشغيلهما سنة 1972.

بعض مزايا وأهداف الاتحاد

تعتبر تجربة الامارات المتحدة تجربة ناجحة يمكن تضخيم نجاحها بزيادة الأعضاء وخاصة لو كان العضو الجديد دولة غنية جدا، حيث يرسم دستور الإمارات أبرز أهداف الاتحاد وهي:

  1. الحفاظ على استقلال وسيادة وأمن واستقرار الدولة الاتحادية، وكل من إماراتها الأعضاء.
  2. حماية حقوق وحريات شعب الاتحاد، وتحقيق التعاون بين إماراته للصالح العام للدولة.
  3. توفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين.
  4. احترام كل إمارة عضو لاستقلال وسيادة الإمارات الأخرى في شؤونها الداخلية بحسب الدستور.

لماذا ستوافق الامارات على انضمام الكويت لها؟

بالرغم من انخفاض مؤشرات ومراتب الامارات المختلفة مباشرة بعد انضمام الكويت إلا أن هناك مزايا تجعل من الأمر أكثر اغراء للإمارات منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. ستتكون قوة اقتصادية نفطية جديدة تنتج ما يقارب 6 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 18% تقريبا من انتاج أوبك.
  2. ستتكون قوة مالية جديدة بإجمالي صناديق سيادية تصل قيمتها إلى أكثر من 1.8$ تريليون دولار.
  3. بعد نجاح التجربة سيفتح المجال لباقي دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والبحرين وعمان وربا لاحقا السعودية للانضمام الى الكيان الجديد.
  4. من الصعب قيام أي وحدة في دول مجلس التعاون مع أي دولة أخرى لأن الامارات هي الدولة الوحيدة المهيئة بتجربة ناجحة تفوق الأربعين عاما وبدستور وأهداف اتحادية مرحبة لمزيد من الدول العربية.

 

ملحوظة: في عام 1968، وقبل تأسيس دولة الإمارات، دُعي كل من البحرين وقطر للانضمام إلى الاتحاد. لكن في عام 1971 أصبح من الواضح أنّه لم يعد لإيران أي مطالب في البحرين، فتم إعلان البحرين دولة مستقلة في أغسطس 1971، وتبعتها قطر في سبتمبر، وتأسست دولة الإمارات في ديسمبر من العام نفسه.

محمد رمضان

كاتب وباحث اقتصادي

@rammohammad