نسبة المعاقين في السعودية وبريطانيا أعلى من الكويت

دار جدل واسع مؤخرا حول موضوع الآلاف من مدعي الإعاقة حسب التصريحات الحكومية بهدف الحصول على أموال ومزايا المعاقين. تبين بعد تبرئة جميع الحالات المحولة للنيابة وهم 38 حالة فقط، أن ادعاء الإعاقة ان كان موجود فهو يندرج ضمن الطرق اللاأخلاقية والغير مجرمة عمليا للحصول على المال. مثله مثل إطالة عمل اللجان الحكومية للحصول على البدلات أو الذهاب في مهمات رسمية ليس لها داعي أو ربما يشابه مدح مؤثري التواصل الاجتماعي لمنتجات وخدمات سيئة مقابل الحصول على المال.

منذ سنة 2012-2013 حتى أخر تقرير لسنة 2016-2017 وملاحظات ديوان المحاسبة تؤكد وجود صرف غير مستحق لبعض المعاقين. لكن ما جد في ديسمبر 2015 هو توصية دراسة اصلاح الدعوم بتخفيض الدعم المقدم عن طريق الهيئة العامة لذوي الإعاقة سنة 2015-2016 إلى النصف تقريبا بحلول عام 2019-2020 بنسبة تخفيض 25% لسنتين متتاليتين ثم تثبيت المبلغ بعد ذلك بدلا من نمو سنوي 10.4% كما كان في السابق. ألا تعتبر توصية بهذا الشكل غريبة من الناحية الإنسانية؟ وهل سيكون الخطأ في تطبيق هذه التوصية على حساب الحالات الجادة؟ والأهم من كل ذلك هو هل أعداد المعاقين الكويتيين يفوق المعدلات الطبيعية؟

المعدلات العالمية لذوي الإعاقة

يشير التقرير العالمي للمعاقين الصادر من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي سنة 2011 إلى أن هناك 880 مليون معاق في العالم أو ما نسبته 12.8% من اجمالي البشر منهم 203 مليون أو ما نسبته 3.1% من العالم يعانون من إعاقة شديدة. ولو ركزنا على من هم في عمر ال 15 سنة أو أكبر لأصبحت النسبة 15.6% أو 785 مليون معاق يصنف ربعهم تقريبا أو 3.8% من اجمالي هذه الفئة العمرية بدرجة إعاقة شديدة.

حسب تقديرات السكان العالمية لسنة 2010 تبلغ نسبة المعاقين 15%. لكن عند المقارنة بتقديرات السبعينات من القرن الماضي كانت نسبة المعاقين تعادل 10% من سكان العالم. حيث ترجع أسباب ارتفاع نسبة المعاقين حول العالم بسبب التقدم في العمر وارتفاع نسبة الأمراض المزمنة المسببة للإعاقة مثل السكر وأمراض القلب والأمراض العقلية. كما ترتفع نسبة المعاقين حسب التقارير الأخيرة في الدول الفقيرة أكثر منها في الدول الغنية وبشكل عام عند كبار السن والنساء وقليلي التعليم والفقراء أكثر من صغار السن والرجال والمتعلمين والأغنياء. وقد يعني ما سبق أن الرعاية الصحية الجيدة قد تطيل في أعمار المواطنين لكن ليس بالضرورة أن تزيل عنهم الإعاقة.

أعداد المعاقين في الكويت ونسبتهم   

حسب الاحصائيات التي استعرضتها وزيرة الشؤون الاجتماعية هند الصبيح خلال الاستجواب المقدم لها في يناير 2018, هناك 48,208 معاق في الكويت موزعين حسب المحافظات أي بنسبة تعادل 1.1% فقط من اجمالي السكان. لم يتم استعراض أعداد الكويتيين المعاقين حسب المحافظات، لكن بعد الرجوع لتصريحات سابقة لسنة 2015 من قبل مسؤولين في وزارة الصحة، كانت نسبة المعاقين الغير الكويتيين إلى اجمالي عدد الغير كويتيين تعادل 0.167% فقط. تم تطبيق هذه النسبة على أعداد الغير الكويتيين في جميع المحافظات وطرح عدد المعاقين الغير الكويتيين لنحصل على أعداد ونسب تقديرية للمعاقين الكويتيين حسب المحافظات.

يمكن تفسير الانخفاض الشديد بنسبة المعاقين الغير الكويتيين بأن من يأتي للعمل في الكويت سواءا في الحكومة أو القطاع الخاص أو العمالة المنزلية لا يفترض أن يكون معاقا وإلا لما تمكن من القيام بعمله. وقد تكون نسبة كبيرة من المعاقين غير الكويتيين من أبناء الكويتيات أو من فئة البدون.

كانت نسبة المعاقين المواطنين لإجمالي عدد المواطنين هي 3.2% فقط. وكانت النسبة الأعلى بين المواطنين في محافظة الجهراء عند 4.9% تليها محافظة الأحمدي عند نسبة 3.3% ثم العاصمة بنسبة 2.9% ثم الفروانية بنسبة 2.8% ثم حولي بنسبة 2.7% وأخيرا محافظة مبارك الكبير بنسبة 2.6%.

نلاحظ وجود فرق كبير في نسب المعاقين الكويتيين بين محافظة الجهراء وباقي المحافظات فهي الأعلى عند نسبة 4.9% تليها محافظة الأحمدي عند نسبة 3.3%. أما باقي المحافظات فهي متقاربة عند مستوى 2.8% تقريبا. يبرر البعض هذا الارتفاع بسبب انتشار زواج الأقارب في تلك المحافظات، لكن لو رجعنا إلى مؤشرات أخرى للاستدلال على الحالة المالية لساكني تلك المحافظات لوجدنا أن أقل أسعار متر الأرض السكنية حسب تقرير بيتك للربع الثاني 2017 هو في محافظتي الجهراء والأحمدي عند مستوى 424 و498 دينار للمتر المربع مقارنة ب 866 و919 لكل من محافظة العاصمة وحولي. ولو رجعنا إلى عدد العمالة المنزلية لكل 10 مواطنين لوجدنا أن أقل الأرقام تظهر أيضا في محافظتي الجهراء والأحمدي 4.1 و4.2 على التوالي مقارنة ب 6 و5 لمحافظتي العاصمة وحولي. ولو ذهبنا أبعد من ذلك إلى عدد المواطنين مرتكبي جرائم الشيكات بدون رصيد لكل عشر آلاف مواطن لوجدنا أن أقل الأعداد في محافظات مبارك الكبير والجهراء والأحمدي عند مستوى 0.7 و1.13 و1.26 بينما كانت الأعلى في محافظة العاصمة وحولي عند مستوى 11.74 و6.28 مواطن مرتكب جريمة الشيكات بدون رصيد لكل 10,000 مواطن.

مما سبق من مؤشرات يمكننا أن نستدل على أن سكان محافظة الجهراء من المواطنين هم أفقر من المواطنين في المحافظات الأخرى وبالتالي قد يبرر ذلك وجود الإعاقة حسب النتائج العالمية أو حتى يبر ادعاء الإعاقة طالما أن ذلك فعليا لا يعاقب عليه القانون. (أفقر لا تعني بالضرورة فقراء)

table

المقارنة مع السعودية وبريطانيا

حتى يكون هناك دلالة أكبر للأرقام والنسب السابقة لابد من المقارنة مع دول أخرى. لحسن الحظ تتوافر بيانات رسمية عن أعداد ونسب المعاقين في السعودية حسب الهيئة العامة للإحصاء لسنة 2017 كالآتي:

  • نسبة السعوديين اللذين لديهم اعاقات خفيفة أو شديدة أو بالغة هي 7.1% من اجمالي السعوديين (أكثر من ضعف النسبة عند الكويتيين وهي 3.2%).
  • نسبة السعوديين اللذين لديهم إعاقة شديدة أو بالغة 2.9% من اجمالي السعوديين وكانت نسبة الإعاقة الخفيفة 4.1%.
  • 35% من المعاقين السعوديين ممن لديهم إعاقة واحدة فقط يكون لدى ابائهم وامهاتهم صلة قرابة من الدرجة الأولى.

وكمقارنة مع احدى الدول المتقدمة تم اختيار بريطانيا ذات الشعب الكبير في السن. حيث معدل أعمار من هم على قيد الحياة يساوي 40 عاما بينما معدل عمر الكويتيين الأحياء أقل من 30 عاما (تقديري عند 25 إلى 26 سنة). وكانت النتيجة أن هناك ما نسبته 21% من الشعب في بريطانيا مصنف على أنه معاق سنة 2016 وتزداد نسبة الإعاقة في المناطق الأكثر فقرا وتقل في المناطق الأكثر ثراءا.

ولبيان الاختلاف بين المناطق نستعرض نسبة حاملي شارة المعاقين الزرقاء في بريطانيا لسنة 2016 وكانت النتائج كالتالي:

  • بلغت نسبة حاملي الشارة الزرقاء 4.3% من الشعب.
  • كانت أعلى نسبة لمنطقة معينة هي 7.2% في منطقة سانت هيلينز وأقل نسبة هي 2.8% في منطقة لندن. (الفرق بين النسبة الأعلى والأقل هو 4.4 وهو أعلى بكثير من الفرق بين محافظات الكويت عند 2.3).

محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@

 

لماذا لا تطبق الكويت التقاعد الاختياري المبكر اسوة بغالبية دول مجلس التعاون؟

من يتابع ردود أفعال المهتمين بخفض سن التقاعد أو بالأصح التقاعد الاختياري المبكر يجد هناك لبس بين تقدير تأثير التقاعد الاختياري المبكر والاحالة للتقاعد الاجبارية أو المشجع عليها بمكافآت مالية ضخمة “الباكج” ولبس آخر أيضا بين آثار خفض سن التقاعد للجميع وإتاحة المجال للتقاعد المبكر الاختياري. فالإحالة الاجبارية للتقاعد أو المشجع عليها <بالباكج> قد تمنع الاستفادة ممن كان في أوج عطائه وقد يكون لها تأثيرات نفسية سلبية عديدة. وتخفيض سن التقاعد الأساسي بشكل مطلق يستوجب رفع الاشتراكات المدفوعة للتأمينات أو خفض المعاشات والمزايا للجميع، بينما اتاحة المجال للتقاعد الاختياري المبكر يتحمل تبعاتها من يختار التقاعد المبكر دون سواه من حيث انخفاض المعاش التقاعدي أو تقليل أو تأجيل للمزايا الأخرى المتعلقة بالتقاعد مثل مكافأة نهاية الخدمة أو تأمين عافية وغيره دون أن يتحمل الجميع آثار ذلك.

هل سيلحق التقاعد الاختياري المبكر الخراب بنظام التأمينات الاجتماعية؟

من يراقب أنظمة التقاعد الفردية أو الجماعية يتبين له أن مبلغ المعاش التقاعدي الشهري يخصم أو يتم تقليله في العادة لعاملين أساسيين وهما انخفاض سنوات الخدمة و/أو انخفاض السن عند التقاعد. دون الدخول في جداول حسابية كثيرة يمكننا نظريا اثبات أن خفض المعاش التقاعدي بسبب انخفاض سن التقاعد قد يكون مضر أو متعادل أو حتى مفيد للتأمينات. اذ بالرغم من التأثير السلبي القصير الأمد نسبيا بسبب فقدان التأمينات للاشتراكات خلال الفترة بين سن التقاعد المبكر وسن التقاعد الأساسي إلا أن هذا التأثير يفترض أن يلاشى مع الوقت بسبب انخفاض ما تدفعه التأمينات كمعاش مخفض للمتقاعد حتى نهاية عمره الافتراضي.

ليتضح المفهوم أكثر، سنفترض وكمثال توضيحي مبسط جدا أن التقاعد المبكر بخمس سنوات يجعل معاش المتقاعد يساوي صفر حتى نهاية عمره الافتراضي. ألن تكون التأمينات في هذه الحالة قد ربحت من اشتراكاته السابقة دون أن تدفع له أي معاش حتى ولو خسرت الاشتراكات لمدة محدودة؟ وفي المقابل سنفترض أن المتقاعد مبكرا بخمس سنوات استلم معاش كامل دون أي خصم يذكر، ألن يضر ذلك التأمينات بسبب خسارتها للاشتراكات دون أي تخفيض للمعاش؟ اذن هناك مبلغ مخفض للمعاش بين هاتين الفرضيتين يحقق التوازن والتعادل للتأمينات حسب معدلات الأعمار الافتراضية للكويتيين. وبالتالي فإن التقاعد الاختياري المبكر مصحوبا بخصم مناسب للمعاش لن يضر التأمينات على المدى الطويل ولن يتسبب بخراب التأمينات كما يروج له.

من جانب آخر وللحفاظ على حالة المواطن المالية من التدهور يمكن عرض طلبات التقاعد المبكر على لجنة تدرس قدرة من يرغب بالتقاعد المبكر على تحمل الأعباء المالية المترتبة على انخفاض دخله الشهري بسبب المعاش التقاعدي المخفض.

لماذا لا تطبق الكويت التقاعد الاختياري المبكر اسوة بغالبية دول مجلس التعاون؟

للأسف لم يتطرق منتقدي التقاعد الاختياري المبكر إلى وضع التقاعد المبكر في دول مجلس التعاون وهو مطبق في السعودية وقطر والبحرين وعمان كالتالي:

  • في السعودية يسمى المعاش المبكر (قبل سن الستين) إذ يحق للمشترك الحصول على المعاش قبل بلوغ سن الستين إذا تقدم بطلب الصرف وتوفرت لديه مدة اشتراك فعلية لا تقل عن (300) شهر أي 25 سنة، وترك العمل الخاضع للنظام.
  • في قطر يسمى الاستقالة ويشترط لصرف المعاش للمستقيل أن لا يقل عمره في تاريخ طلب الاستقالة عن أربعين سنة، وأن لا تقل مدة خدمته عن خمس عشرة سنة، لكن يتم تخفيض المعاش بنسبة (2%) عن كل سنة من سنوات الفرق بين عمره في تاريخ الاستقالة وسن الستين. ويصرف له هذا المعاش طيلة حياته ويؤول من بعده إلى المستحقين عنه ممن تتوافر فيهم شروط استحقاق نصيب في المعاش. (يحسب المعاش قبل الخصم بالمعادلة التالية = أخر راتب X سنوات الخدمة X 5% بشرط ألا يزيد المعاش عن الراتب الأخير)
  • في البحرين يسمى الاستقالة الارادية ولا يستحق الموظف معاشا إلا إذا بلغت مدة خدمته 25 سنة أو إذا كان قد بلغ ال 50 من عمره ولم تقل مدة خدمته عن 15 سنة. (سن التقاعد الاعتيادي 60 سنة)
  • في عمان يسمى انتهاء خدمة وينص القانون على أنه يستحق المؤمن عليه المعاش عند انتهاء خدمته قبل بلوغه سن الستين من عمره متى كانت مدة اشتراكه في التأمين (240) شهراً (أي 20 سنة) على الأقل، أو المؤمن عليها قبل بلوغها سن الخامسة والخمسين متى كانت مدة اشتراكها (180) شهراً (أي 15 سنة) على الأقل بشرط بلوغ أي منهما سن الخامسة والأربعين على الأقل. (مادة 21 من القانون)

الجدير بالذكر أنه حسب القانون العماني لإنشاء التأمينات الاجتماعية (الفصل الثاني مادة 11) تسدد الدولة العجز الاكتواري بقرض وليس هبة كما هو الحال في الكويت:

“يجب أن يتناول هذا الفحص (أي الاكتواري) تقدير قيمة الالتزامات القائمة، فإذا تبين وجود عجز في أموال الهيئة (أي التأمينات) التزمت الخزانة العامة بسداده، ويعتبر ما تدفعه الخزانة العامة قرضا على الهيئة تلتزم بسداده من أي فائض يتوفر لديها في السنوات المقبلة”

table

من سيختار التقاعد المبكر؟

يمكننا توقع أن احتمالات اختيار الموظف للتقاعد المبكر تتناسب عكسيا مع الفرق بين الراتب الحكومي والمعاش التقاعدي أي كلما كان الراتب الحكومي أعلى من المعاش التقاعدي كلما قل احتمال التقاعد. كذلك يزداد هذا الاحتمال بزيادة الدخل الإضافي من أعمال خاصة أخرى بدأت تتعطل بسبب الالتزام بالبصمة أو الحضور والانصراف. أما من لديه فوائد غير الراتب من عمله مثل مصالح شخصية أو سياسية أو بريستيج معين أو مهمات رسمية أو غيرها من المزايا فيقل احتمال اختياره للتقاعد المبكر كلما زادت هذه المزايا. ويمكننا هنا الاعتقاد أن سياسة التقشف الحكومية لو طبقت بشكل جيد لدفعت الكثيرين إلى التقاعد الاختياري وحققت وفر أخر للمال العام من التقاعد الاختياري المبكر (تم شرح الوفر على المال العام من جراء التقاعد المبكر في مقال سابق نشر بالقبس بتاريخ 7 أكتوبر 2017 بعنوان ” خفض سن التقاعد مقترح وجيه يوفر المال العام.. ولا يهدره”.

تعديل قانون الخدمة المدنية لتلافي الإحالة للتقاعد في سن مبكرة

حتى لا يقع الموظفون ضحية الإحالة للتقاعد في سن مبكر، يجب تعديل قانون الخدمة المدنية الذي يجيز الإحالة للتقاعد لمن يستحق المعاش التقاعدي حسب النص التالي للمادة 76 من نظام الخدمة المدنية:

“يجوز إحالة الموظف إلى التقاعد بشرط أن يكون مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت هذه الحالة.”

حيث يجب التعديل بشكل يستثني التقاعد المبكر من شروط جواز الإحالة للتقاعد.

محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@

 

مرفق صورة من موقع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية تبين وضع التقاعد الاختياري المبكر هناك:

SaudiLaw

خفض سن التقاعد دون التأثير على التأمينات

من يتفحص فوائد استبدال المعاش التقاعدي التي ممكن أن تصل إلى ما يقارب ال 17% سنويا حسب قانون التأمينات، تتكون عنده قناعة أن كل ما جاء في ذلك القانون من اختيارات بيد الموظف أو المتقاعد لا يمكن أو على الأقل من المستبعد أن يتسبب بضرر اكتواري على المؤسسة. ومن هذا المنطلق لو نظرنا إلى النصوص والأحكام التالية من القانون والمذكورة في موقع التأمينات:

    • “يستحق معاش التقاعد شهريا بواقع 65% من آخر مرتب شهري عن مدة الاشتراك المحسوبة في هذا التأمين التي تبلغ خمس عشرة سنة، يزاد بواقع 2% عن كل سنة تزيد عن ذلك بحد أقصى 95% من هذا المرتب”
    • وفي حالات الاستقالة يخفض المعاش التقاعدي بنسبة 5% إذا كان العمر عند صرف المعاش أقل من 45 سنة. ويخفض بنسبة 2% إذا كان العمر من 45 سنة حتى 52 سنة.

سنجد أنه يمكن للموظف الحكومي الذي تجاوزت مدة خدمته ال 15 عاما أن يستقيل أو <<يتقاعد مبكرا>> لكنه لن يحصل على المعاش التقاعدي إلا عند سن الاستحقاق أي 55 سنة أو حسب ما جاء من تفصيل في قانون التأمينات.

 

إلى ذلك، لو افترضنا عدم المساس بقانون التأمينات الحالي عند خفض سن التقاعد المقترح وقيام الدولة عند تطبيق هذا المقترح بتحمل تكاليف المعاش التقاعدي الذي يحسب مثلما جاء في القانون بدلا من التأمينات لحين وصول المؤمن عليه إلى سن الاستحقاق أو 55 سنة. وهو ما سيحقق وفرا للدولة لأنها ستدفع معاش مؤقت أقل من الراتب بسبب الخصم وانخفاض سنوات الخدمة للعديد من اللذين يتقاعدون باختيارهم. وفي نفس الوقت لن تسبب بخسائر للتأمينات حسب قانونها الحالي أو لن تكون هناك حاجة لزيادة الاشتراكات أو تخفيض المزايا (راجع الفرضية في الفقرة الأولى). وتنطبق نفس الآلية على مكافأة نهاية الخدمة أو أي ميزة أخرى.

كمثال توضيحي لما سبق، يقرر موظف التقاعد مبكرا وهو في عمر ال 50 سنة وبعد 25 سنة خدمة. كان أخر راتب له 1500 دينار وعلى هذا الأساس أصبح معاشه التقاعدي حسب القانون الحالي 1250 دينار بعد خصم نسبة 2% لكون العمر بين 45 و52 سنة. ستتحمل الدولة تكاليف معاشه الشهري وهو 1250 دينار بدلا من راتبه 1425 دينار (بعد خصم 5% اشتراك التأمينات الذي خسرته الدولة بسبب التقاعد المبكر) حتى يصل إلى سن ال 55 أو سن الاستحقاق وحينها ستقوم التأمينات بتحمل معاشه التقاعدي حتى أخر المطاف.  أي أن الدولة (أي دمج التأمينات والحكومة ماليا) تكون قد حققت وفر يقارب ال 12% سنويا طيلة الخمس سنوات على فرض عدم زيادة الراتب. وحققت وفرا بعد ذلك يقارب ال 12% سنويا أيضا لأن معاشه كان سيصبح 1425 بدلا من 1250 لو استمر بالعمل لغاية سن ال 55 سنة. ويتضح مما سبق ان المواطن هو الخسران ماليا والدولة هي الرابحة. كما قد يتبين أن هذه الطريقة في تطبيق مقترح خفض سن التقاعد قد تكون أسهل في التطبيق من جعل التأمينات تتحملها بالطريقة التقليدية.

جدول يبين طريقة حساب المعاش التقاعدي كما جاء في قانون التأمينات الحالي وحسب سنوات الخدمة والعمر
table
*المصدر: المعلومات المنشورة على موقع التأمينات الاجتماعية

لماذا يصر الاقتصاديون والمتخصصون ومن يتبعهم على أن التقاعد المبكر مضر بالمال العام؟

لو سألنا أي اقتصادي مخضرم لا يعرف عن وضع الكويت شيء يذكر عن رأيه في تخفيض سن التقاعد لتوفير المال العام، لأجاب بان هذا ضرب من الجنون لأن الدول ترفع سن التقاعد لتوفير المال العام وتوفير مزايا جيدة للمتقاعدين خاصة وأن العمر الافتراضي قد ارتفع في كثير من الدول بسبب تطور الرعاية الصحية.

ولو أخبرناه بأننا اقتصاد ريعي توظف فيه الحكومة 79% من قوة العمل الوطنية وتنتشر فيه ظاهرة البطالة المقنعة وتدفع الدولة 80% من الاشتراكات للتأمينات الاجتماعية بالنسبة لموظفي الحكومة بالإضافة لتحمل أعباء العجوزات الاكتوارية، لقال ان الأفضل هو معالجة مشكلة البطالة المقنعة وتضخم الجهاز الحكومي بدل اللجوء إلى الحلول الترقيعية مثل خفض سن التقاعد.

لكن لو أكدنا له صعوبة أو شبه استحاله تعديل وضع البطالة المقنعة أو تضخم الجهاز الحكومي بأي حل آخر على المدى القصير أو حتى المتوسط، لتساءل “هل سيقبل المواطنون بالحصول على مبالغ مالية أقل من الدولة لأن المعاش التقاعدي أقل من الراتب الحكومي بطبيعة الحال وخاصة عند التقاعد المبكر؟”

وسيكون الرد عليه “لحسن الحظ أصبح خفض سن التقاعد الاختياري مطلب شعبي بسبب تطبيق الحكومة لنظام البصمة لإثبات الحضور والانصراف على كافة الجهات الحكومية.” ليجيب ويتساءل مرة أخرى “هذا جيد، لكن كيف يمكن للمتقاعد مبكرا أن يعوض خسارته المادية لو أراد ذلك؟” والإجابة هي بأن الحكومة تدفع مكافأة نهاية الخدمة للمتقاعدين وسمحت قانونيا بالمشاريع المنزلية والمتناهية الصغر لتشجيع المواطنين على العمل الحر حتى لو لم يكن ذلك في سن مبكر.

لكن يبقى السؤال المهم، لماذا يصر العديد من الاقتصاديين والمتخصصين ومن يتبعهم على أن التقاعد المبكر مضر بالمال العام في الكويت؟

  • لا يريدون أن ينظر لهم من قريب أو بعيد على أنهم يؤيدون رأي سيء غير مقبول في الحالات الطبيعية.
  • لا يرغبون بأن يوصفوا بتأييد المطالبات شعبية لأن غالبيتها العظمى تضر بالمال العام.
  • بعضهم يمتلك أو يدير شركات استثمار أو استشارات وتأييدهم لرأي مثل هذا قد يضر سمعتهم ومصالحهم.
  • بعضهم تكون آراؤه سطحية وعبارة عن قص ولزق أو ترجمة حرفية لأدبيات أجنبية.
  • قد يكون رأيهم مرسلا أو مدفوعا بأجر أو منحازا بسبب مصالح خاصة غير معلومة.

أتمنى فعلا أن يظهر أحد يستطيع أن يثبت ويوضح حسابيا أن حصول المواطن على أموال أقل من الدولة هو خسارة للمال العام بدل الاستمرار بطرح الآراء السطحية أو المرسلة لتغطية إخفاقات أو سوء إدارة جهة حكومية أصبحت مفضوحة للعلن.

 

محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
@rammohammad

هل ستستفيد الكويت من الانضمام للامارات؟

كثيرا ما يتطلع الكويتيون في أحاديثهم ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى تطور دولة الإمارات السريع والمذهل ويتحسرون على حالهم وعلى سوء أداء الحكومة والمجالس المنتخبة. إذ تكثر المقارنات وتضرب الأمثلة المضحكة على تصريحات مسؤولي الحكومة عندنا مقارنة بنظيرتها الإماراتية.

من بعد الاستعمار البريطاني إلى نهاية ما يسمى بالعصر الذهبي سنة 1982, أي مع بداية أزمة المناخ وانخفاض أسعار النفط وبداية الحرب العراقية الإيرانية، تبينت عدم قدرة الحكومة الكويتية على التعامل بحصافة مع الأزمات المختلفة. وما زلنا على هذا الحال حتى يومنا هذا.

من جانب آخر ولحسن الحظ، ينص دستور الامارات في مادته الأولى بأنه «يجوز لأي قطر عربي مستقل أن ينضم إلى الاتحاد، متى وافق المجلس الأعلى للاتحاد على ذلك بإجماع الآراء». فبالرغم من أن انضمام الكويت إلى الامارات هو أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع، إلا أنه لا يوجد ما يمنع بان نبدأ بالتفكير بصوت عال في محاولة لبيان بعض تفاصيل وآثار ذلك الإيجابية والسلبية على كل من الكويت والامارات وباقي دول مجلس التعاون.

 

الواقع الجغرافي

على الرغم من غرابة وجود جزء من دولة يفصلها عنه دولة أخرى، إلا أن هذا موجود بشكل بارز وواضح في الولايات المتحدة المفصولة تماما عن ولاية ألاسكا التابعة لها. وكذلك حال الدانمارك مع جرينلاند التابعة لها أيضا. وحتى لو نظرنا إلى ماليزيا وإندونيسيا لوجدنا نموذجا قريبا لذلك.  ولحسن الحظ أيضا، يوجد بين الامارات وعمان رأس مسندم التابع لعمان والمحاط بريا بالإمارات، ويوجد كذلك أحد أغرب وأعقد التقاسيم الحدودية في العالم في ولاية مدحاء العمانية المحاطة تماما بالإمارات والتي يوجد بداخلها قرية النحوة التابعة لإمارة الشارقة. أي لن يضيف انضمام الكويت للإمارات الكثير من التعقيدات الحدودية لحدود الامارات المعقدة أصلا.

UAE

خريطة تبين التعقيدات الحدودية بين عمان والامارات في مسندم وولاية مدحاء العمانية التي بداخلها قرية النحوة الإماراتية التابعة لإمارة الشارقة

 

 

ما التغيرات التي يمكن أن تحدث للكويت؟

  • ستصبح الحكومة الكويتية بلا وزراء بل هيئات ومؤسسات حكومية فقط تتبع مباشرة لرئيس الحكومة أو حاكم الامارة كما هو حال حكومة أبو ظبي ودبي وباقي الحكومات المحلية في الامارات المختلفة، وذلك لأن الوزارات تتبع الحكومة الاتحادية.
  • سيستجوب النواب رؤساء الهيئات الحكومية مباشرة ويمكنهم طرح الثقة فيهم بدل استخدام الوزراء كدرع حماية لفساد الهيئات الحكومية.
  • ستحدد سلطات مجلس الأمة بعدم مخالفة قوانين وأنظمة الحكومة الاتحادية، أي سيكون هناك حد أقصى لسلبيات قراراتهم.
  • سيقل اهتمام الكويت بالسياسة الخارجية وسيقل تأثرها بها نتيجة وجودها داخل كيان أكبر. وغالبا سيتفرغ رئيس الحكومة للشأن الداخلي بشكل أكبر.
  • ستكون الكويت جزءا من كيان أفضل منها بمراحل في مؤشرات التعليم والتنمية والفساد والحوكمة.
  • سيختلط مسؤولو الحكومة الكويتية مع الحكومة الاتحادية وستنكشف أسباب اخفاقاتهم بوضوح وقد يقتدون بمن هم أفضل منهم.
  • سيتمكن جميع المقيمين في الامارات من رجال أعمال وعمالة من زيارة الكويت بدون قيود تذكر وبدون شرط رخصة عمل أو إقامة كويتية.

تطول القائمة جدا بالمزايا التي ستحسن أداء الحكومة الكويتية سواءا على المدى المتوسط أو البعيد ويفترض أن تتخلص الكويت من التراجع المستمر منذ عشرات السنين. كمثال بسيط ولبيان الفرق في إدارة المرافق الحكومية بين الكويت والامارات يمكن مقارنة ميناء الشويخ الذي تم تشغيله سنة 1960, بميناء زايد وميناء راشد اللذان تم تشغيلهما سنة 1972.

بعض مزايا وأهداف الاتحاد

تعتبر تجربة الامارات المتحدة تجربة ناجحة يمكن تضخيم نجاحها بزيادة الأعضاء وخاصة لو كان العضو الجديد دولة غنية جدا، حيث يرسم دستور الإمارات أبرز أهداف الاتحاد وهي:

  1. الحفاظ على استقلال وسيادة وأمن واستقرار الدولة الاتحادية، وكل من إماراتها الأعضاء.
  2. حماية حقوق وحريات شعب الاتحاد، وتحقيق التعاون بين إماراته للصالح العام للدولة.
  3. توفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين.
  4. احترام كل إمارة عضو لاستقلال وسيادة الإمارات الأخرى في شؤونها الداخلية بحسب الدستور.

لماذا ستوافق الامارات على انضمام الكويت لها؟

بالرغم من انخفاض مؤشرات ومراتب الامارات المختلفة مباشرة بعد انضمام الكويت إلا أن هناك مزايا تجعل من الأمر أكثر اغراء للإمارات منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. ستتكون قوة اقتصادية نفطية جديدة تنتج ما يقارب 6 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 18% تقريبا من انتاج أوبك.
  2. ستتكون قوة مالية جديدة بإجمالي صناديق سيادية تصل قيمتها إلى أكثر من 1.8$ تريليون دولار.
  3. بعد نجاح التجربة سيفتح المجال لباقي دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والبحرين وعمان وربا لاحقا السعودية للانضمام الى الكيان الجديد.
  4. من الصعب قيام أي وحدة في دول مجلس التعاون مع أي دولة أخرى لأن الامارات هي الدولة الوحيدة المهيئة بتجربة ناجحة تفوق الأربعين عاما وبدستور وأهداف اتحادية مرحبة لمزيد من الدول العربية.

 

ملحوظة: في عام 1968، وقبل تأسيس دولة الإمارات، دُعي كل من البحرين وقطر للانضمام إلى الاتحاد. لكن في عام 1971 أصبح من الواضح أنّه لم يعد لإيران أي مطالب في البحرين، فتم إعلان البحرين دولة مستقلة في أغسطس 1971، وتبعتها قطر في سبتمبر، وتأسست دولة الإمارات في ديسمبر من العام نفسه.

محمد رمضان

كاتب وباحث اقتصادي

@rammohammad